كتب- أحمد الروبي
دائمًا لا أجد أزمة
في انتقاد أي عمل فني، ولكن ماذا لو كان هناك انتقادات لعمل فني قد وصل للجمهور،
أليست تلك القواعد التي يتم الانتقاد على أسسها هي لأجل أن يكون العمل أكثر
واقعية، ويصل للمشاهد، فإن كان هناك انتقادات لعمل قد وصل للجمهور، وتفاعل معه،
وتوحد مع شخصياته، فأي نقد لن يكون له معنى، فالفن ليس مسائل حسابية، أو قواعد
هندسية، ربما تلك المقدمة كانت لا علاقة لها للمقال التالي، ولكنها تقربه من بعيد
قليلًا، نبدأ في الحديث هنا عن ثريا، أو كارمن بصيبص في مسلسل عروس بيروت.
العمل مأخوذ عن عمل
تركي وأنا قد شاهدت عدة حلقات من العمل الأصلي، وأكثر ما جذبني أن القصة مأخوذة أم
الشخصيات فلا يوجد أي أوجه صلة وهو أمر يحسب للممثلين، نأتي لثريا والتي جسدتها
كارمن بصيبص، هي فتاة بسيطة وعفوية، قد تبدو لك هشة، ضعيفة يسهل كسرها، ولكنها لا
تشبه أي مما تتخيل، فهي الخيط الرفيع الرقيق المصنوع من البلاستيك، الذي إذا حاولت
قطعة بيداك ستنجرح، وإذا حاولت قصة عصي عليك الأمر، واستطاعت كارمن أن تجعلني أصدق
هذا بأداء سلس وبسيط، أو هو ما يحكى عنه السهل الممتنع.
كارمن ربما في حياتها
تمتلك تلك البساطة، وهو ما جعلها تقدم الدور بإجادة قد تصل لحد الكمال، لم يكن حتى
ما شاهدت وهما ثماني عشر حلقة أي مشاهد لم أكن مصدقًا لها، بل استطاعت أيضًا أن
تجعلني أتوحد مع شخصيتها، وأشعر بطيفها أينما قررت أن أشاهد المسلسل حولي،
وأحيانًا أجدني ابتسم تلك الابتسامة الخافتة مقلدًا إياها، وعلى الرغم من إنني
نادرًا ما أتوحد مع بطلات الأعمال، إلا أنها استطاعت أن تصلني لتلك الحالة.
كارمن تمتلك خبرة، وموهبة
كبيرة، ورؤية، دائمًا تجد الزاوية الخاصة بها التي تقرر أن تقدم الشخصية من
خلالها، ولكن هناك ما يميز كارمن بأدوارها هو "الواقعية" هناك مصطلح
يستخدمه الصناع للتعبير عن قرب الشخصية للواقع وأنها "من لحم ودم" أي أنها
شخصية تشعر أنك وجدتها أو قابلتها من قبل، وهذا ما قدمته كارمن ناهيك عن البعد
الدرامي للشخصية، وجوانبها، فهناك جوانب تكتشفها مع مرور الحلقات في الشخصية، وهو
التعقيد الذي يلامس كل البشر، لذلك كانت اكثر واقعية.
كارمن استطاعت أن
تتنقل في مشاعر ثريا بشكل بسيط وسلسل ومتناغم، ربما هي ليست تلك الشخصية التي
تنفعل، ولكن تحديها كان يكمن في نظراتها التي أحيانًا تتغرغر بالدموع، إلا أن تلك
الدموع تكون مصدر قوتها، فضعفها وبسطاتها وقساوة الظروف التي نشأت منها هو مصدر
قوتها، ويبدو أن إيمان كارمن بثريا، وفهمها وتشربها للشخصية، هو ما أنشأ التناغم
بينهما لينصهرا ولا تشعر أبدًا بكارمن، بل كانت ثريا حاضرة طوال الوقت.
هناك أيضًا تماكس
كارمن بالعلاقات، بأصدقائها، وحبيبها، وتحملها لحماتها، جميعها تعكس أن العائلة
التي افتقدتها كارمن، تحاول أن تحافظ عليها، هي تلك الشخصية التي تمسكت بقوة
وليكون "فاقد الشيء هو أكثر شخص يمكن أن يعطيه"، في المجمل الشخصية
لمستني وقدمتها كارمن ببراعة متناهية.
في النهاية: كارمن
منذ بدايتها أو مشادهتي لها كان في مسلسل الزيبق ووقتها تحدثت عن مولد نجمة، تمتلك
أسلوب وطابع مختلف، وبعدها تواجدت كارمن في ليال أوجيني، وكانت اكثر نضجًا
وتمكنًا، ولكنها حافظت على اك الطابع الخاص بها، وفي عروس بيروت كارمن تؤكد على
كونها نجمة ستفرغ مكانًا خاصًا بها، وستكون دائمًا تلك الفنانة التي تشعر برؤية
مختلفة في أعمالها، وجودة في اختيار أدوارها.
تعليقات
إرسال تعليق