التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نيللي.. صراع النفس وكسر الواقع في "فاتن أمل حربي"

 


القاهرة- أحمد الروبي

في كل رمضان أكتب عن عدد من الممثلين، والأعمال الفنية ولكن هذا المرة، أنا اكتب عن واحد من أهم الاعمال الفنية، وأهم ممثلات الوطن العربي، وليس فقط موهبة، ولكن تأثيرًا من حيث قوة الأعمال القضايا التي تناقشها من خلال اعمالها، قد يكون الوصف كاف لنعرف أننا بصدد الحديث عن نيللي كرين ودورها في فاتن أمل حربي.

في مسلسل فاتن أمل حربي، نحن أمام عمل يناقش أزمة كبيرة في قانون الأحوال الشخصية، ولكن يجب أن نتحدث في البداية عن شخصية فاتن، وقدرة نيللي على تجسيد تلك الشخصية بهذا الكم المتقن من التفاصيل فيها.

الشخصية تمر بعدة مراحل، تبدأ من الضغوطات التي تتعرض لها في المنزل من إهانة الزوج، وتعنيفه لها، ومرورًا بالضرب، وهو ما كانت تتحمله من اجل الحفاظ على قوام المنزل، حتى وصلت لطريق لا رجعة فيه، وتبدوا مع الأحداث أن غريزة الأمومة والبقاء هما المحركان الرئيسيان للشخصية.

وبالطبع تلك الغريزتان الأقوى على وجه الأرض، فأمومتها تجعلها تحاول الحفاظ على بناتها ضد أي ظروف تتعرض لها، ونجد نيللي تقدم شخصية فاتن لدرجة من البراعة تصل لمرحلة الصدق التام للشخصية، فنيللي لا تخشى الظهور بدون مكياج، فالدرجة التي تتمكن فيها نيللي من التقمص ملفتة.

 

فاتن تتحول مع الأحداث لتبدأ في الصراع ضد قانون ترى أنه يحتاج إلى التغيير كونه يظلم المرأة، وهنا يكون التحول في الشخصية، من سيدة تقاوم زوجها على استحياء، لسيدة تقرر ان تواجه كل المفروض دون أن تلتفت لثوابت، فهي تبحث دائمًا، عن الحق، والصواب، والعدل، وهي النقطة المحورية في شخصيتها، لتتحول من تلك السيدة المقهورة إلى أخرى لا تخشى سوى الباطل .

فاتن كانت تمر يوميًا بصراع داخلي، بين سيدة ترفض ما تتعرض له، وأخرى تحاول التأقلم لأجل بناتها، وبين هذا الصراع كانت تتوه فاتن، وهذا الصراع تتعرض له كافة النساء اللاتي يتعرضن للقهر، غلا أن ينتفضا لكسر الواقع، أو يستسلمن لهذا الواقع، وفاتن رفضت الاستسلام.

نيللي بهذا العمل تسطر واحدة من اجمل العبارات في تاريخها الفني الحافل بأعمال هامة للغاية، وتتكلل بفاتن أمل الحربي، والذي قد يساهم بتغيرات في قانون الأحوال الشخصية، لتثبت نيللي أنها واحدة من أكثر الفنانات تأثيرًا.

وربما شخصية فاتن أمل حربي تكون أمل للسيدات، ومثل أعلى فالجملة الأبرز التي تعتبر من أهم كلماتها " جايز ماخدش حقي بس مش هستسلم"، وربما تلك العبارة ليست ملهمة فقط للنساء بل لكل من سيشاهد العمل، فجميعنا نشعر وقتًا ما بالضعف، ولكن رغبتنا في عدم الاستسلام هل التي تجعلنا نواصل.

تفاصيل شخصية فاتن يصعب رصدها في كلمات، ولكن ما يمكن أن أتحدث عنه أن فاتن قد تكون بداية تغيير كبير، ونيللي تفوق في تفاصيل تلك الشخصية، فلحظات مناجاتها لله، ولحظات انكسارها، وقوتها، فنيللي تجسد الشخصية حتى بنبرة الصوت، وتفاصيل الوجه، ونظرات الأعين، لتجعلنا نقف حائرين أمام درجة مبهرة من الإتقان.

في النهاية: أنا دائمًا ما أرى من أهم فنانات الجيل الحالي، ولكنها تثبت ذلك من عمل لأخر أنها فنانة تمتلك موهبة مرعبة، وقدرات تمثيلية مختلفة، وقدرة على إتقان الأدوار الصعبة لدرجة أنك لا يمكن أن تتخيل غيرها يقدمها.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نسرين طافش.. "الجميلة" التي خطفت القلوب بـ"خفة الظل" في "أخي فوق الشجرة"

كتب- أحمد الروبي تزامنًا مع بدء عرض فيلم "أخي فوق الشجرة" قررت مشاهدة الفيلم، وتخصيص المقال التالي للحديث عن نسرين طافش ودورها في أحداث هذا الفيلم الذي أراها واحدة من مكاسب العمل عودة نسرين طافش للتواجد في السينما مرة أخرى. هناك دائمًا تصنيفات تطلق على نجوم الفن، فهناك ممثلو دراما، وأخرون سينما، بكل تأكيد هذا لا يعنى أن أـحدهم أفضل من الأخر، أو أن ممثلي السينما لن يقدموا دراما، ولكن ممثل السينما هو الذي يتحرك الجمهور من منزله من أجل الذهاب للسينما ومشاهدة الفيلم الخاص به، وأرى أننا أمام ممثلة سينما تمتلك من الحضور والكاريزما ما يكفي لتكون أحد نجمات السينما في مصر. نسرين طافش سبق وتواجدت في بطولة نادي الرجال السري مع النجم كريم عبد العزيز، ووقتها تحدثت أننا أمام نجمة خفيفة الظل على المشاهدين، وتمتلك حضور وكاريزما بشكل كبير، بل وتمكنت من أن تدخل من باب الكوميديا وهو الأصعب للدخول من خلاله لقلب الجمهور وخاصة المصري. والتجربة التي تقدمها نسرين هذا العام تثبت أنها فنانة كوميديانه من الدرجة الأولى، بل وتستطع أن تقدم كوميديا الموقف وهي الأصعب على الإطلاق، بجانب تواجدها بجوار ن...

درة... من الأداء المتقن إلى الإخراج المبدع في "وين صرنا"

 كتب- أحمد الروبي  قد تكون المرة الأولى التي يظهر فيها اسم درة في السينما كمخرجة، لكن من خلال فيلمها الأول "وين صرنا"، أظهرت الفنانة قدرات فنية فائقة جعلتها تبرز في هذا المجال بكل قوة. الفيلم الذي عُرض في مهرجان القاهرة السينمائي لم يكن مجرد فرصة لدرة لتقديم لمسة جديدة في عالم الفن، بل كان بداية قوية لمسيرتها كمخرجة، مما يعكس مدى تفوقها في هذا المجال. لقد أثبتت درة في "وين صرنا" أنها ليست فقط ممثلة محترفة بل قادرة أيضًا على التأثير في كل تفاصيل العمل السينمائي. إبداعها في إخراج الفيلم حيث أظهرت قدرة عالية على توجيه رؤية الفيلم بأسلوب فني جيد. الفيلم نفسه يروي قصة عائلة فلسطينية تعيش واقعًا مليئًا بالتحديات. برعت درة في توثيق تفاصيل حياتهم اليومية وأسلوب مقاومتهم للصعوبات التي تواجههم بأسلوب يعكس الصدق والعمق. نقلت الكاميرا مشاعر العائلة الفلسطينية وأحلامها وآلامها بطريقة مؤثرة تحاكي الواقع دون تزييف. كما تميزت باختيار زوايا التصوير والمؤثرات الصوتية التي دعمت الأجواء العامة للعمل، مما جعل الفيلم ينقل صورة حقيقية عن هذه العائلة للجمهور وكأن الجملة الأكثر تأثيرا في ا...

تكريم رنا مصطفى "ملكة جمال الإعلام"

كرمت الدكتور رنا مصطفى في مؤتمر هنا الشهيد الذي نظم منذ عدة أيام حيث حضرت هي وعدد من طلاب أكاديمية الثقافة والعلوم. رنا دائمًا ما تلفت الأنظار من خلال تواجدها في المناسبات العامة، حيث اطلق عليها المتابعين "ملكة جمال الإعلام" وذلك لكونها دائمًا ما تظهر بشكل يلفت الأنظار   وتختار إطلالتها بشكل جيد.