كتب- أحمد الروبي
"زي القمر – حكاية غالية" واحد من الأعمال التي قدمت مجموعة كبيرة من الأزمات التي تعاني منها المرأة، وكيف تتغلب عليها فقط في خمس حلقات، فنحن في العمل أما قهر الزوجات، وتأخر الزواج عند البنات، ومشاكل الإنجاب وكيف يتعامل الرجال مع المرأة التي لا تنجب، وتعارض الأهل مع عمل الفتاة، ومجموعة كبيرة الصعاب التي تواجها كل فتاة في المجتمعات العربية، فقط في خمس حلقات، ولكن رغم جودة السيناريو فنحن هنا أما فنانة تمكنت من تقديم كل ما ذكرته في دور واحد، حيث قدمت درة دور "غالية" والذي يُعد واحد من أهم أدوارها نظرًا كونه يعكس أزمة حقيقية تواجها الفتيات في المجتمع بأداء استثناءي، وتفاصيل يصعب تقديمها في خمس حلقات فقط.
دره
تعاملت مع الدور بإتقان شديد، وفهم لتفاصيل الشخصية، التي تعاني من قهر تارة،
وتتمرد تارة أخرى، فعلى الرغم من كونها فتاة تنتمي لعائلة محافظة مازالت تتمسك
بالعادات والتقاليد، إلا أنها تمكنت من التمسك بحلمها رغم الحروب التي تواجها بشكل
دوري سواء في العمل أو الشارع أو حتى الأهل، ولكنها دائمًا ما تتمكن من تحقيق
إنجازات كبيرة في حياتها، وإن جئنا لتركيب الشخصية، فكانت مليئة بالتفاصيل، فهي متفائلة،
تسعى وراء حلمها، لا تعرف اليأس، ولكن هناك جانب مظلم تعاني منه وهو شعور بالنقص
دفين داخل ذاتها بسبب استئصال الرحم وعدم قدرتها على الإنجاب، والذي كان يشعرها
أنها فاقدة لشيء كبير وأن الرجال لن يتقبلوا ذلك، وظهر ذلك في تركها لحبيب سابق
لشعورها أنه لن يتقبل الأمر، فكانت تتهرب من فكرة الزواج، وكان هذا الشعور هو نقطة
ضعف الشخصية.
درة قدمت
الدور بإتقان جيد، واهتمام كبير بالتفاصيل، بداية من الاكسسوارات التي كانت
ترتديها والتي تعكس الشخصية، فهي فتاة بسيطة، محبة للحياة، تسعى طوال الوقت وراء أحلامها،
مختلفة عن السائد، فدائمًا تُفاجئ بتفاصيل لا تشبه غيرها، وقدمت درة ذلك بإتقان،
سواء من الأكسسوارات أو الملابس أو حتى لغة الجسد الخاصة بالشخصية، فدائمًا ما
كانت على مسافة من كل من حولها وكأنها تخشى الاقتراب الزائد، وهذه المسافة تعكس
مسافة الشخصية مع المجتمع، هذا من ناحية لغة الجسد، وعلى صعيد الصوت فتمكنت درة من
التحكم في طبقات صوتها، لتتمكن من استخدامه بشكل لافت، وتحكم في طبقة الصوت حتى في
الانفعالات المرتفعة، بجانب ذلك قدمت
الشخصية من خلال طبقتين الأولى تعامل الشخصية مع المجتمع، والأخرى تعاملها مع الحب
والارتباط، ففي المجتمع كانت تواجه دائمًا ولا تنسحب، في حين أن تعاملها مع علاقات
الحب كانت تفضل الانسحاب، والابتعاد، ولم يكن ضعفًا بل رغبة في الابتعاد عن
المشاكل، فهي شخصية هادئة لا تسعى للصراعات، وحتى خلافتها تخضوها وتنهيها في هدوء.
يجب أن
نثني على أداء درة في التعامل مع الشخصية، وتقديم هذا الكم من المشاعر والانفعالات
والتفاصيل فقط في خمس حلقات، ناهيك على الاختيار الجيد، والتطور الدائم في الأداء والتي
يجعلها دائمًا متجددة ومتغيرة، وتحافظ على خصوصية كل شخصية من خلال التفاصيل التي
تصنعها لأجلها.
وأيضًا
هناك جرائة من تقديمها لفكرة الحب الذي وقعت فيه غالية، رغم أنها متزوجة، وعلى
الرغم من أن تلك الشخصية كان يمكن أن لا يتعاطف معها الجمهور، إلا قدرة درة على
تقديمها، وبناء تفاصيل ودوافع ومبررات الشخصية، جعل الجمهور يتعاطف معها، ويتفهم
دوافعها، وهذا يحسب لدرة بكل تأكيد، فحالة الصدق التي تعاملت بها مع الشخصية وصل
للجمهور.
في النهاية:
هذا التنوع والتطور يجعلنا ندرك أن درة من الفنانين الذين يعملون طوال الوقت على
أدائهم، وتلك النوعية من النجوم هي القادرة على إحداث نقلات نوعية في الأعمال
الفنية ، فهي "غالية" الأداء دائمًا.
تعليقات
إرسال تعليق