كتب- أحمد الروبي
عادة لا أكتب عن نفس الفنان في عمل
واحدة سوى مرة واحدة، كما أننى أنتظر نهاية العمل تمامًا حتى أتمكن من الكتابة عنه،
ولكن هذه المرة ضربت بالقاعدة الأولى عرض الحائط، وتناسيت الأخرى عمدًا حتى اكتب عن
"سكر" او نيللي كريم للمرة الثانية في مسلسل "100 وش".
بالطبع يجب أن أوضح سبب كسري لتلك
القواعد جملة في مرة واحدة، الأولى أن العمل بالنسبة لي "مبهر" وأداء نيللي
يستحق أن أنظر له بشكل أعمق وتفصيلي عن المرة الأولى، والثانية أنني لأول مرة لا
يهمني إذا هربت العصابة أو ألقي القبض عليها، فقد سكنت قلوب المشاهدين.
نيللي قدمت سكر وراحت الصحف
والجمهور يتحدث عن نيللي وكيف تمكنت من إبهار الجمهور، وتقديم دور بهذا الشكل
الجيد، ولكن السؤال الذي لم يجبه أحد كيف تمكنت من تقديم هذا الدور الجيد، بهذا
الإتقان فأنا حرفيًا كنت أنتظر أن تغفل نيللي في مشهد، أو تتناسى في أخر أنها سكر،
لأثبت أنه لا يقدم فنان دور بإتقان 100%، ولكن هذا لم يحدث فوصلت لتلك الدرجة من
الإتقان، فكيف هذا.
بناء شخصية سكر يعتمد على أربعة
مراحل "لغة الجسد- مخارج الألفاظ، وتعابير الوجه – الملابس"، فلغة جسد
الشخصية تنم عن البيئة التي خرجت منها، فحركاتها ولغة الجسد الخاصة بها فهي شخصية انفعالية،
ورغم ذكائها مندفعة، ثقتها بنفسها مهتزة نابعة من فقرها، هذا ظهر قبل أن تحصد
الأموال وتصبح ثرية، ومخارج ألفاظها كانت تنم عن تعليمها، وتواجدها في بيئة فقيرة
مما أثر على مخارج الحروف، وتفصيلة الصوت المرتفع، أحيانًا تكون ثقة، وأخرى عن
شخصية نشأت لم تعتد أن يستمع لها أحد، فيكون الصوت المرتفع إشارة لمن حولها ليصغوا
لها، تعابير الوجه كانت مضبوطة، أحيانا تكون الانفعالات مرتفعة، وشخصية تخشى الحب
فتجدها في بعض المشاهد الرومانسية غير مؤمنة بأن هناك من يحبها، وهذا يفسر بعض
المشاهد التي كانت رومانسية وتعاملت معها بشكل كوميدي قليلا، وملابس الشخصية
تتشابه في نفس نقطة الصوت المرتفع، هي تحاول أن يراها العالم، فكانت ملابسها
دائمًا ذات ألوان زاهية ولامعة حتى يراها الجميع، فهي تحاول أن تخبر الجميع أنها
موجودة.
هناك من تعامل مع سكر بمنطق أنه
مجرد دور كوميدي، ولكنه واقع تعيشه كثير من الفتيات البسيطات، فسكر هي من اكثر
الشخصيات التي وجدتها حقيقية، مرحة، تواجه همومها بابتسامة، ولكنها في نفس الوقت
قد تنهار حينما تشعر بالخطر، هي فتاة تحاول طوال الوقت أن تثبت أنها موجودة في
المجتمع، فسكر هي محاولة الوصول إلى قمة "افرست" لا يهم المدة، ولا يهم
كيف وصلت، المهم بالنسبة لها أن تصعد، فهي طوال الوقت تحاول التسلق والصعود، وكان
دافعها دائمًا للصعود هي مخاوفها.
سكر كانت أبسط واعمق شخصية شاهدتها،
وكانت مثال حي عن صرخات من يريد أن يحقق شيئًا، وبعيدًا عن الطرق التي قد لا يتوافق
عليها، إلا أن الدور قدم وأوصل رسالته بشكل عبقري وجيد، وفنيللي كريم لا تقدم
شخصيات مسطحة على الإطلاق.
نيللي ليست من تلك الفنانات
اللاتي لا يمتلكن رؤية، أو مقدار من الثقافة، بل هي واحد من أكثر الفنانات فهمًا،
وموهبة، وثقافة، لذلك تضيف هذا البعد في أي شخصية تقدمها بشكل عفوي ولا إرادي،
لتصبح شخصية تتفكر فيها لأيام وساعات حتى تفهمها.
وكانت "سكر" هذا العام
أحد مكاسب رمضان التي أبهرتني وسعدت بها، أداء متقن، ودور مختلف، وبراعة وبساطة في
الأداء متناهية، تجعلك تؤكد أن نيللي هي أهم ممثلة على الساحة دون منازع.
في النهاية: هناك من يحب التمثيل،
ويحاول أن يصل للجمهور كل عام بطريقته، يحترم عقليته، وثقافته، ويرتقي بها، يسعى
لأن يستمتع الجمهور على الشاشة، ويتفكر فيما يرى، وكل هذا ينطبق على نيللي كريم،
لذلك لنا أن نفخر أن الفن المصري به "نيللي كريم".
تعليقات
إرسال تعليق