بالمصادفة ظهرت إعلانات مسلسل
"إلا أنا" أكثر من مرة والحقيقة أنى لم يجذبني في البداية، حتى قررت في
وقتًا ما مشاهدة حكاية "سنين وعدت" فقط الحلقة الأولى، وأما أن اكمل، أو
اشيح بنظري عن العمل ولا أكمل مشاهدته، ووجدت تلك الحكاية بطلتها أروى جودة، وما
بالك ما تلك الساحرة الفنية بوجهة نظري فهي من الفنانين اللاتي يمتلكن زاوية خاصة
بهم دائمًا في أعمالهم، ولها منظور تتعامل به مع الشخصيات التي تجسدها، وفي رسم
الشخصية.
لو تحدث عن العفوية فسأضع أروى في
كفة مع عدد من الفنانات اللاتي يتمتعن بالعفوية، وأروى متفردة بالأدوار التي
تقدمها وفي مكان وحدها، فما يمكن أن يعبر عنها سوى "أسلوب أروى" أو
"مدرسة أروى" البعض قد يتهمني بالمبالغة، كوني أصف أن أروى لها مدرسة
خاصة بها، أذًا أنا مبالغًا ولكن من يستطع أن يقدم مثل تلك النوعية من الأدوار بمنتهى
السلاسة وهذه الصعوبة مثلها.
في البداية كان اختيار الاسم فهل
يعلم أحد ما معنى اسم الشخصية التي لعبتها "هند" فهو أسم يعني الفتاة
القوية الصبورة ذات التأثير والجاذبية، أتعون أن اسم الشخصية يعكس رسم الشخصية
التي جسدتها، أي فنان يكون مهتم بتلك التفاصيل حتى تلك التفصيلة الصغيرة التي يمكن
أن تمر مرور الكرام على 90% من الجمهور، فهذا مكمن قوة أدوارها أنها تخاطب كافة العقول
والثقافات المختلفة.
أروى جسدت معاناة السيدة في
المجتمع، واستطاعت أن تقدمه من اكثر من منظور ولكن بسلاسة عظيمة، ففي البداية تناولت
أزمة السيدة العاملة والتقصير الذي يحظى به منزلها على حساب مستوى المعيشة الجيد
الذي يتوفر، وبعدها تناولت أزمة أخرى مع السيدة التي بلا عمل، وأزمات الأزواج،
والأبناء، وحتى الأصدقاء، حرفيًا هي تناولت معظم أزمات المرأة، من أزمات في العمل
والمنزل والزوج والأبناء، وعلى الرغم من كم الأحداث الكبير الذي قدمته فقط في 12 حلقة
إلا أنها استطاعت أن تحافظ على إيقاع الشخصية، وتقدم أخطاء المرأة وكيف يمكن أن
تعالج أزمات حياتها.
البعض تعامل مع الشخصية كونها
تواجه صراع مع من حولها، ولكن صراعها الحقيقي كان داخلي، إنها كانت تصارع وتناضل
أحاسيس بداخلها، تناضل شعورها بالتقصير، تناضل خوفها على من حولها، تناضل لتحيا
سعيدة، هند كانت تناضل طوال الوقت وبداخلها صراع لم يراه أحد، لم يشعر أحد بأنينها،
وحتى الحل السحري والوقت الذي عاد فيه زوجها إلى صوابه، حينما استطاع أن يفهم
صراعها الداخلي من خلال مذكراتها، البعض يستطع أن يسمع صراخك الداخلي ويحتويك،
وأخرون ينظرون لك من الخارج فلا يفهمون مهما حييت، وهذه بالنسبة لي كان مفتاح
الشخصية.
ولا يمكن أغفل بعض المشاهد التي
كانت تبدوا فيه الشخصية جامدة المشاعر، وهي تبكي فهذا كان جزء من تكوين الشخصية
وقدمته اروى بإحساس جيد للغاية، ناهيك عن ذكاء الحوار، فالحوار كان ذكي للغاية.
في النهاية: تظل أروى من أهم
الفنانات على الساحة الفنية، تقدم أعمال ذات معانى، وشخصيات يمكن أن تتفكر في
تفاصيلها لأيام، أحيانًا ننتقد فنان على أداء ما، وأحيانًا يتوجب أن نقول شكرا
أروى على هذا الأداء.
تعليقات
إرسال تعليق