مع انتهاء عرض حلقات مسلسل
"ختم نمر" والتي اعتبرها تجربة درامية جنينا ثمارها من أكثر من جانب،
ولعل أهمهم هو الظهور اللافت لنسرين طافش في الدراما المصرية بشكل مكثف، فكان لها تجربتين سابقتين في مصر ولم تحصل على حقها باستثناء نادي الرجال السري، ولكن هو
الأخر لم يعطها فرصتها لتخرج تلك الطاقات التمثيلية كما حدث في ختم نمر.
نسرين جسدت دور مريم ضمن أحداث
المسلسل، والدور كان له عدة أبعاد، بعد ثقافي يعكس الفرق بين الثقافة التي نشأت
بها، وقدرتها على التأقلم مع الثقافة التي تعيش بها، وبعد متعلق بالحب الأفلاطوني،
ومحاولاتها للتمسك بحبيها، وهناك جانب تمر به كافة الفتيات وهو صراع العقل والقلب،
أي يمكن أن نصف الشخصية التي لعبتها بكونها حقيقية ونابعة من الواقع.
دائمًا ما نجد فنانين يتحدثون عن
مناقشتهم لقضايا في أعمالهم، ونسرين عكست وجسدت قضية تواجها الفتيات في حياتهن
بشكل متكرر، ولكن المختلف في القضة هذه المرة هو ألية الطرح، فالشخصية طرحت تلك
الأزمة بشكل سلسل ومختلف، وهذا بالتأكيد نابع من السيناريو.
ولكن إحساس الممثل بأزمة الشخصية يعكس
قدرته على عكس رسم الشخصية في السيناريو إلى أداء ملموس، ونسرين قدمت شخصية مريم بأداء
مختلف، وإحساس متقد، فأنعكس ذلك على لحظات الحزن والانكسار، وفقد الأمل، وحتى
البحث عن بصي ضوء في ظل العتمة التي عاشتها الشخصية.
البعض نظر إلى الشخصية كونها فتاة
تقع ضحية ظروف معينة فتعيش صراع القلب والعقل، ولكن هناك ماهو أبعد من ذلك ذهبت به
الشخصية، فهى كانت مفتقد الإحساس بالأمان، بل هي عاشت إحساس الفقد أكثر من التملك،
وتحاول طوال الوقت الحفاظ على من هم حولها خوفًا من فقدهم، كانت تتمسك بكل قوتها،
وتشعر أنهم ستفقدهم، فقدت أهلها ف صغرها، وخالتها، وحبيبها، فتأثرت بظروف صعبة،
والبعض لم يفهم ويبرر تصرفها تجاه عمر حينما أخبرته أنها لا تحبه.
ولكن خوفها من فقده للأبد، جعلها
تتأقلم مع إحساس فقده لفترة حتى لا يتعرض للقتل، لذلك هذه النقطة هي الأكثر
تماسكًا، والتي تعكس مدى فهم نسرين للشخصية وتعاملها معها، فطوال الوقت كنت أشعر بخوفها
من فقد من حولها، واعتيادها على شعور الوحدة، حتى دموعها حينما انهمرت كونها أصبحت
وحيدة يعكس مدى قوة تلك المشاعر بداخلها.
في النهاية الشخصية كانت مترابطة،
ومحبوكة للغاية، ونسرين تمكنت من أن تمسك أبعاد الشخصية، ومشاعرها بحرفية شديدة، واستطاعت
أن تقدم لمحة لفتاة في مجتمعاتنا العربية، تعاني من الترهيب، والضعف، والوحدة، والاستغلال،
والخداع، وحتى الصراع الداخلي، إنها لمحة عن معاناة الفتاة العربية التي تقاوم
طوال الوقت، لترى بصيص ضوء، في ظل العتمة، فتحية لها لتقديمها أدوار لها أهداف،
وتمنى بأن تظل تقدم نوعية من مختلفة من الأعمال التي تناقش قضايا.
تعليقات
إرسال تعليق