كتب- أحمد الروبي
"الجوكر" مصطلح يطلق على الورقة
الرابحة، وفي الفن قد يطلق على من يستطع أن يقلب موازين العمل ويجذب اهتمام
الجمهور، ثالث ما يمكن أن يطلق عليه
"الجوكر" هو الفنانة ريهام عبد الغفور، لا أتذكر تواجدها في أي عمل فني
إلا وقد تركت أثر وبصمة كبيرة، وفي أخر أربع سنوات برهنت أنها صاحبة الموهبة الأهم
ضمن فنانات جيلها، فلا اختلاف على أدائها في أي عمل فني، فهي صاحبة حضور طاغي، وأداء
ثابت ومتصاعد باستمرار، وسلاسة ومرونة في تأدية أي دور مهما كانت درجة صعوبته، وكأنها
اعتلت القمة وقررت المكوث فيها.
ريهام تتواجد هذا العام في رمضان بمسلسل زي الشمس، والدور مع ريهام مختلف، فهي
لها تحضيرات خاصة بداية من الشكل حتى التفاصيل الصغيرة ، فهي تجسد دور فريدة وهو
فتاة تمتاز بالتحرر وخروجها عن تقاليد المجتمع، لذلك كان يجب أن يعبر شكل الشخصية
عن أفعالها، وبالفعل هذه أولى خطوات تحضيرات ريهام للشخصية، ومن الوهلة الأولى ترى
الأكسسوارات التي تضعها، وقصة شعرها، تفاصيل صغيرة ولكنها تعطيك الانطباع الأول عن
الشخصية وذلك يعكس مدى إدراكها لأهمية هذا الانطباع كما تعاملت ريهام باحترافية
شديدة في الجوانب النفسية لها.
شخصية فريدة تظهر فتاة تخطف حبيب شقيقتها
وتقيم معه علاقة لذلك قد ينبذها الجمهور، إلا أن تركيبة الشخصية كانت تحتاج أن
تكسب تعاطف الجمهور وفقًا لتصاعد الأحداث، ريهام قد استطاعت ان تجد الجزء المفقود
الذي يجبرك على التعاطف معها، الحقيقة أن هناك أعمال شاهدتها كثيرة معظمها ينتمي
للدراما التركية فيها لمحات من "زي الشمس" في الخط الدرامي المتعلق
بارتباط فتاة بحبيب شقيقتها، ومعظم من جسدوا تلك الأدوار قد مقتهم، لأنهم لم يصلوا
لكيفية جذب حب المشاهد وإدراكه للجوانب الإنسانية في الشخصية، وريهام وصلت لما فشل
فيه كثيرون، ربما يعتبر البعض أن ذلك راجع للسيناريو، وأنا لم انكر ذلك، ولكن قدرة
تجسيده وإبراز الجوانب السلبية والإيجابية
في الشخصية من خلال لمحات بسيطة، هو ما لا يدركه الكثيرون، فريدة شخصية مليئة
بالألغاز، والتناقضات، وهناك تشابك كبير في خطوها الدرامية، علاقتها بشقيقتها،
وبوالدتها، وبأبنائها، وحبيبها، وعلاقتها بأصدقائها والسهر، وعلاقتها بالطبيب
المعالج لها، كل تلك العلاقات مختلفة ولها خط درامي خاص بها، وتبرز تلك العلاقات
صعوبة الشخصية، فتلك الفتاة المحبة للسهر، تعاني من أزمة نفسية واكتئاب، تصمد أمام
أبنائها، وطليقها، وتنهار أمام شقيقتها، مفعمة بالحياة والموت معًا، فالقدرة على
أن تجلب الموت والحياة في شخصية واحدة هو التركيبة السحرية التي امتلكتها ريهام
ووصلت لها.
ريهام دائمًا ما تفاجئني بقدرتها على تجسيد
شخصيات صعبة ومركبة للغاية، ولكن بمنتهى السلاسة في الأداء، والعفوية، وفي فريدة
ريهام أخرجت قدراتها التمثيلية في مشاهدها التي لا تقل أهمية كل منها على اأخر،
فهي تجسد الشخصية من أناملها حتى خصلت شعرها، وكشفت هذا العام أن موهبتها
التمثيلية مازالت يمكن أن تذهب لأبعد مدى.
في النهاية دائمًا ما يظهر جزء من شخصية
الفنان الحقيقية في كل عمل، هذا أمر لا إرادي، إلا ريهام عبد الغفور، الوحيدة التي
أدخلتني في متاهة، فأنا لا أعلم أي جزء منها موجود في أي شخصية تجسدها، الفنانة
الوحيدة التي لا تبرز في العمل سوى الشخصية التي تقدمها، هي فقط يعنيها دائمًا أن
تجسد دور جيد بأداء جيد.
تعليقات
إرسال تعليق