كتب- أحمد الروبي
في مسلسل خمسة ونص
هذا العام كان هناك حالة فنية لافتة، تلك الحالة التي تسمى
"قصي خولي" فهو واحد من أهم الفنانين على الساحة، وتأتي سر أهمية من
حضوره وقدرته الجيدة على التقمص في الأدوار التي يلعبها بمنتهى الصدق والإحساس.
فالبداية تأتي من اختيار الاسم
"غمار"، مروًا بالشخصية المتشابكة التي لعبها، إنها التناقض حرفيًا،
فكيف يحمل الكثير من كل شيء وألا شيء، بالفعل غمار رجلا رومانسي للغاية، ولكن حين
وصل لمرادة تخلى عن حبه من اجل انتقامه، الشخصية حتى الحقة 17 لم تضح ملامحها
الكاملة بعد، فقد يبدو غمار يحب التملك، وهذا ظهر في إحدى المشاهد حين كان يراقص
بيان، وأخبرها أنها "له فقط" ربما البعض اعتبرها لحظة رومانسية من
المقام الأول، ولكنها تبرز الجانب المظلم من هذا الشخص، فالجذبة العنيفة التي جذبها
إياها، وهمسه لها إنها ملكه فقط تعكس حبه للتملك، وربما ليس حبًا حقيقًا، وحين
نعود لنشأة الشخصية فهو لم يكبر وهو يعلم معنى الحب قدر معرفة بالكراهية والانتقام،
فالوحدة والقسوة تركا علامات بداخله، ليس من السهل زحزحتها.
قدرات قصي خلي تتجلي في تلك التفاصيل الصغير
التي يقدمها بمنتهى السلاسة والإتقان، كيف يعبر بملامحه، كيف يقطع الجمل، ويلفظها،
برخامة صوته، حتى يبرز ويوصل الإحساس للمشاهد بمنتهى الانسيابية والبساطة، ورغم
الشر الذي يبدوا من الشخصية، إلا أن الجمهور أحب غمار، وتعاطف معه، فقد عرف قصي
كيف يبرز الجانب الإنساني لها، كما قدم مشاهد تمثيلية رائعة مع معتصم النهار،
ونادين نجيب، بل كونها مثلث تمثيلي عظيم، وأحيانًا كانت هناك مبارزات تمثيلية خفت
عقول وقلوب المشاهدين.
قصي خولي قدم وجبة تمثيلية مكتملة العناصر،
سواء من انفعالات، ولغة الجسد، والصوت الذي يتحكم فيه بشكل جيد للغاية، وقد حاولت
أن التفت لمآخذ على الشخصية إلا أنني لم أستطع سوى أن ابرز أن قصي واحد من الذين
يمتلكون قدرات تمثيلية مرعبة، بل هو من الأشخاص الذين يتعاملون بعفوية مع أصعب
الأدوار دون أن يبالي، وكأنه خلق ليكون فنان الأدوار المعقدة.
في النهاية: قصي يختار ادواره بعناية شديدة،
ويتقمص ويلعب أدوار مميزة، وصعب، ومختلفة بقدرات تمثيلية، وطاقة كبيرة، ليكون واحد
من أهم الفنانين الذين عرفهم الوطن العربي على الإطلاق.
تعليقات
إرسال تعليق