هذا العام كان هناك أكثر من عمل تاريخي لذلك
قررت متابعة بعضها، وبالفعل قمت بمتابعة مسلسل "العاشق صراع الجواري"
وكان من الفنانين الذين أبهروني بادائهم فاطمة ناصر، فهي من الفنانات اللاتي
يمتلكن موهبة كبيرة، وقدرات تمثيلية عظيمة.
فاطمة جسدت دور والدة الخليفة المقتدر، والدور
يحتاج لامرأة تبدو قوية وصلبة، تدير مقاليد الحكم بيديها، تمتلك التحدي والجراءة،
وذلك لابد أن ينعكس على انفعالاتها وإيماءتها، وحتى لغة الجسد التي جيب أن تشع
ثقة، وقوة نابعة من سلطتها، واستطاعت فاطمة ان تسجد الشخصية بتمكن وقدرات تمثيلية
جيدة للغاية.
في أي عمل فني ليس التجسيد بالكلام هو الذي
يعكس قدرات الممثل، بل القدرة على إيصال الحالة النفسية دون حديث فقط بانفعالاته،
فالسينما في البداية لم يكن هناك صوت بها بل كان المهور يفهم المشهد من الحركة، والانفعالات،
وفاطمة من الفنانين الذين يستطيعون تجسيد عمل فني كامل صامت، فهي تتقمص وتجسد
الشخصيات التي تلعبها بتمكن واحترافية، وخبرات تمثيلية كبيرة، ناهيك عن نبرة صوتها
التي تعرف كيف تتحكم في طبقاتها وتعكس الحالة النفسية في المشهد من نبرة صوتها.
الشخصية التي تلعبها فاطمة أجادت في اللغة
العربية الفصحى، وثاني تفاصيل الدور هو ملامح الوجه الجادة طوال الوقت، والقوة
التي يجب أن تتمتع بها والدة المقتدر، وبالفعل استطاعت أن تكون إمراه قوية جادةـ،
وقدمت الشخصية بحرفية شديدة، وتمكن، واستطاعت ان تتوحد مع الشخصية، لتعبر عن
انفعالاتها وحالاتها بشكل جيد، ناهيك السلاسة والبساطة وهما سلاح فاطمة دائمًا في
تجسيد الأدوار الصعبة، ففاطمة ناصر تتعامل مع أي عمل فني ببساطة في الأداء، وبساطة
دون مبالغة أو تكلف، بل تقدمه بالمقدار الذي يجب أن يقدم به، وبالفعل وصلت لتلك
الحالة، فصدقت الشخصية، فوصلت لقلوب المشاهدين.
في النهاية: تلك الأعمال دائمًا التاريخية
التي تدور باللغة العربية الفصحى ليس موجهة لكل الفئات، فمن يشاهدوها من يتمتعون
برغبة في أعمال سرد فترات تاريخية، أو مهتمين بالأحداث والشخصيات التاريخية،
وغالبًا ما يتمتعون بثقافة جيدة، وجميعهم أجمعوا أن فاطمة كانت إحدى مكاسب العمل،
فهي تقدم دروس تمثيلية في المشاهد الصعبة، وتبرهن من عمل لأخر أنها واحدة من أهم
المواهب الفنية في الوطن العربي.
تعليقات
إرسال تعليق