لم أكن من متابعي مسلسل "ابن أصول"
هذا العام حتى وجدت هناك ردود أفعال حول العمل، ودائمًا ما تعكس ردود الفعل أن هناك
شيء مختلف يستحق المتابعة فبدأت في متابعته، وإذا بي أشاهد سوزان نجم الدين تجسد
دور والدة حمادة هلال فكان الأمر محفزًا حتى أتابعها، وأكتب عنها.
سوزان واحدة من الفنانات اللاتي يمتلكن حضور
طاغي، ففي أي عمل تتواجد فيه تذهب الأنظار إليها وتتبع دورها، والحضور لا يكون فقط
شكلًا فهي على مستوى الشكل لا يختلف أحد على تمتعها بجمال وجاذبية كبيرة، ولكن
الحضور ينعكس من روح الفنان، وهي تمتلك كاريزما وحضور قوي، هذا هو أول انطباع
شاهدته.
وبعدها بدأت في فهم وإدراك الشخصية، وكيف تكون
والدة حمادة هلال، وإذا بأن العمل مبني على أن تكون والدة حمادة هلال جذابة وصغيرة
في السن ويعتقد الأناس انها حبيبته، ولا يعتبرها أحد أنها والدته، وذلك يظهر في
أول مشاهد العمل حينما دخل أحد أقسام الشرطة وهو يحمل شهادة ميلاده ليبرهن أنها
والدته، لذلك كان الأمر مبرر دراميًا، وبناء كوميدي للعمل، ولكن لا يمكن أن نغفل جراءة
سوزان في أن تقدم دور والدته.
أما عن الجانب النفسي، فصولا سيدة عكفت على
تربية أبنها الوحيد هشام أو ميشو، كانت صديقته الوحيدة، والحضن الذي يلتجأ له، وهو
كان بالنسبة لها، ابنها، ورجلها، والشعور بالأمان والحب، وذلك يوضح غيرتها عليه ورغبتها في أن لا يذهب لاي سيدة أخرى
سواها، المدهش في تركيبة الشخصية، أن العلاقة بين صولا وابنها لها بعدان، اجتماعي
، وكوميدي، وكم أن البعدان متضادان إلا أنه اجتمع في علاقة صولا بنجلها، وسوزان
قدمتهما بتمكن مدهش، فتلك العلاقة يصعب على أي فنان أن يبرز هذان البعدان فقط
سيكتفي بإحداهما إلا أن سوزان تمكنت من أن تصنع تلك الحالة الفريدة، فكانت شخصية
معقدة وبسيطة في نفس الوقت، لا أتذكر أن هناك فنان أستطاع ان يشعرني بهذا التضاد
من قبل بهذه السلاسة.
والتحول الذي بدأ يطرأ على صولا ووقوعها في
الحب، يعطي منظور مختلف وتحول تام في الشخصية، إلا نه يبرز تمكن تمثيلي جديد
لسوزان، فهي من الفنانين الذين يجسدون بكافة حواسهم، نظراتها، لغة جسدها، صوتها
الي تتحكم فيه بشكل مميز، فدراستها للشخصية تكون جيدة، وفهمها وإدراكها يكون صادق
لذلك تكون صادقة للغاية في أدوارها.
هناك ما لا يمكن أن نغفله هو أن سوزان تقدم
أدوار في مناطق تمثيلية بعيدة للغاية عن بعضها البعض، فهل يمكن أن يصدق أحد أن
صولا في ابن حلال هي مها في "وش تاني" على سبيل المثال، فهي دائمًا تذهب
لمناطق تمثيلية بعيدة للغاية عن بعضها، وتنجح فيها دائمًا، فهي تجسد الأدوار بصدق
وإحساس، وموهبة ملفته، وحضور طاغي، ربما يحسدها عليه مئات النجمات اللاتي لا
يمتلكن 20% من حضورها.
في النهاية: الفنان يمتلك أدوات منها صوته،
وشكله، وانفعالات وجه، وتحكمه في لغة الجسد الخاصة به النابعة من صدقه للعمل، فلا
يمكن أن نلوم فنان أنه صوته قوي، أو انفعالاته صادقة، أو انه يتمتع بجمال أخاذ،
فجميعها مقومات وصفات لا يمكن أن ننقدها، فقط النقد يكون هل أساس استخدامه لأدواته
أم أحسن استخدامها.
تعليقات
إرسال تعليق