كتب- أحمد الروبي
عندما يتخطى أي عمل
فني عرض أكثر من ثلث حلقاته فيكون المشاهد مدرك لطبيعة الشخصية وتحولاتها، بالطبع
ليس دائمًا ولكن إلى حد كبير، عدا نسرين طافش أو "ست الحسن" في مسلسل
مقامات عشق فمازالت تملأ في جعبتها الكثير لنراه في كل حلقة من أداء رفيع وموهبة
استثنائية، ربما لم أكن من متابعي نسرين عن كثب ولكني رأيتها في أكثر من عمل فني،
وانطباعي كان أنها ممثلة جيدة، ووجه مريح على الشاشة، ونجمة تمتلك حضور كبير.
ولكن انهدمت كل
معتقداتي، وبالفعل اكتشفت انها معتقدات وليست حقائق بعد مشاهدتي لدورها في مسلسل
"مقامات عشق"، نسرين أكثر من مجرد فنانة جيدة، نسرين استثنائية، بكل ما
تحمله الكلمة من معاني وليس بمعنى الكلمة فقط فكل حرف يدل عليها ا "الأفضل"،
س "سحرت المشاهدين"، ت "تمتلك حضور طاغي"، ن "ندين لها باعتذار
لعدم تقدير هذا الكم من الموهبة"، ا "استحقت أن نتابع عملها بشغف، ء
" اهم فنانة عربية"، ي "يجعلها في مكانة متفردة من النجومية"،
ة "تبهرني في كل مشهد"، الدور كان يحتاج جانب روحاني كبير حتى يشعر
المشاهد فيه بصفاء المشاعر، ونقائها، وذلك ما استطاعت أن تصل له نسرين، بجانب
الفكر الفلسفي الذي تحمله الشخصية، والتطور الذي تمر بها الشخصية، والتحولات التي
ترطأ عليها، جميعها أسباب تجعل "ست الحسن" واحد من أصعب الأدوار.
العمل ككل به لغة
فنية عالية، فكثير من المشاهد تكون بلا حوار، فقد انفعالات الوجه ونظرات العين،
وإيماءات الجسد ولغته، وهذا واحد من مكامن قوة أداء نسرين، فهو الأدوات التي تميز
بين فنان حقيقي، وموهبة قوية، وبين من يمتهنون الفن، هناك مشاهد عبرت فيها عن الحب
بنظراتها، وأخرى عبرت عن الشوق فقط بخطوات متسارعة، وأحيانًا في جلوسها وهي تقابل
البحر وتهيم بنظراتها عشقًا، جميعها مشاعر تشعر بها وتنقلها إلى المتفرج عبر لغة اتصال غير الكلام.
"أتحب شخصًا
لذاته- أتحب شخصًا فالله- انتقي روحك لتتلاقوا في ملكوت الله" هل تؤمن بتلاقي
الأرواح، بسمو الذات وعلوها، أكنت شخًصا ماديًا، أو شخص يهيم ويغيب في الحب الإلاهي،
مهما كانت معتقداتك، مهما كانت اتجاهاتك وتفكيرك ستلمسك قصة الحب الطاهرة، التي
نشأت بين ست الحسن وعلي بن عربي، إنها واحدة من قصص الحب الفريدة، أكثرها نقاء،
وصلابة وقوة، مليئة بالشغف، ومختلفة عن باقي قصص الحب التي قدمت على الشاشة، فالقدرة
على التعامل مع تلك الشخصية بهذا الكم من المشاعر النقية، والقدرة على إقناع المشاهد
بصفائها أصعب ما قد يواجه أي الفنان ولكن نسرين تعاملت بموهبة كبيرة، وقدرات
تمثيلية فريدة، بل أعادت اكتشاف موهبتها من جديد بهذا العمل.
سأعود لألقي الضوء
على لمحة سريعة في أولى حلقات العمل شاهدت نسرين أمراء عجوز، وشاهدتها فرونيكا،
وست الحسن، الثلاث شخصًا واحد ولكن تختلف مشاعر كل منهم، وقد قدمت هذا الاختلاف
ببراعة شديدة، كما قدمت نسرين غناء بعض الأغاني في العمل، وقد كان صوتها واحد من
أفضل الأصوات، فهي تمتلك موهبة في الفن، ويبدوا أن موهبتها في التمثيل وحتى في الاستعراضات التي قدمت بجانب الغناء، وتلك الأغاني
كلماتها ليس من السهل غنائها، ولكنها قدمتها ببراعة، وقدرات صوتية فريدة.
نسرين قدمت جانب روحاني
كبير، ولغة سينمائية عظيمة، واستطاعت ان تشعر بالشخصية، وتصدقها وتكون جزء منها،
لذلك ظهرت بها الكم من الصدق والإحساس، وبالنسبة لي هي الأفضل في رمضان من حيث قوة
الأداء وتكامله، فهي تلك الجميلة، التي تمتلك أحساس وموهبة هي الأهم على الإطلاق
من أبناء جيلها من الفنانات.
في النهاية: هذه هي
المرة الأولى التي ارتبك وأنا أكتب عن أحد الشخصيات لرغبتي في الإلمام بكل
تفاصيلها، وست الحسن الشخصية الأكثر ثراءه وتفاصيل، لذلك الكتابة عنها ليست سهلة،
وقد أكون غفلت أن بعض نقاط الشخصية وذلك لصعوبة إلمامها، لذلك فنسرين تستحق تقدير
كبير لقدرتها على فهم وهضم ست الحسن وتقديمها بهذا الكم من الثراء والعمق الديني،
والفلسفي.
تعليقات
إرسال تعليق