هناك فنانين نعرفهم في نوعية أدوار بعينها،
فنشعر أنهم لا يمكن أن يتجهوا لمنطقة الخطر، تلك المنطقة التي يسميها الفنانين
الذين لم يعتادوا في الخروج من دائرتهم المغلقة، ولكن يبدو أن ياسمين عبدالعزيز لا
تعرف معنى الخطر، ولم تدرك أن هناك دائرة تتواجد بها، فقط هي تؤمن أنها فنان تمتلك
كافة الإمكانات الفنية، والموهبة التي تذهب بها لمناطق لم تطأ قدماها إياها بعد.
ياسمين تحدت هذا العام نفسها، وراهنت على
الجمهور وقدرتها على التلون، فهي في المقام الأول فنانة وهذا ما تمتهن، ياسمين
وحتى مشاهدتي لحلقات مسلسلها "لأخر نفس" التي عرضت، لم أرها تطلق
"افيه" أو حتى تداعب الجمهور من خلال كوميديا الموقف، بل قدمت شخصية
تتعرض لمواقف تجعل منها امرأة حديدية لا مكان للمزاح في حياتها، الأهم هو قدرتها
على تقمص الشخصية التي أدتها، فهناك لحظات يجب أن تشعر بألم الأم الذي يحرق
داخلها، ويعتصر قلبها، وتارة أخرى تحاول الصمود وعيناها تنهال منها الدموع، إلا
أنها تحاول أن تبدوا صامدة، ربما لم أفهم إحساس فقد الإم، ولكني أعرفه لذلك وصلني
الإحساس، قدمته ياسمين بتمكن شديد، وثبات في الأداء.
الشخصية في البداية تبدو زوجة شرطي أعتادت أن
يدللها، وتعيش أحيانًا لحظات الخطر حين يعود مصاب من مهمة إلا أن ذلك لا يجعل منها امرأة
قوية، فقط يمكن أن تصمد، ولكنها لم تعش مخاطر حقيقية، ولكن تتصاعد الشخصية بشكل
منطقي- يجب أن نتوقف عند منطقي لأن هناك بعض الشخصيات يحدث تصاعد فيها غير منطقي
ولا يمكن أن يصدقه المشاهد- وحدث تصاعد منطقي حتى أستطاع المشاهد أن يدرك أنها
أصبحت امرأة قوية، يمكن أن تخاطر بكل ما لديها في سبيل سلامة أولادها، ولا يمكن أن
أتناسى لحظات الصدمة التي تعرضت لها، فالصدمات التي تعرضت لها بعد وفاة زوجها،
ووقوعها في دوائر خطر لا تعلم عنها شيئًا بدى يعطى للمشاهد لمحات تكون القوة عند
تلك الشخصية، فالحديد يتشكل بالانصهار، ويقوى بالطرق، وهي انصهرت واحترقت، حتى
أصبحت صلبة وقدمت هذا التحول بسلاسة وبساطة، وتمكن من الأداء ليست سهلة على
الإطلاق، ناهيك عن كونها ممثلة أعتاد الجمهور مشاهدتها في أدوار كوميدية.
ياسمين خاضت هذا العام تحدي لا يمتلك أكثر من
2% من الفنانين العرب جراءة الدخول فيه، وهو تقديم دور مختلف عن نوعية الأدوار
التي أعتاد الجمهور أن يشاهدها فيه، وكسرت القاعدة، وأثبتت أنها فنانة ذات طابع
خاص، وتفكير مختلف، وتثق في أدائها وموهبتها، ومن وجهة نظري نجحت في أن تكشف عن
جوانب يمكن أن تلعبها مستقبلا، فلا يمكن أن تضع ياسمين في تصنيف معين، بل تصنف حسب
الدور الذي تلعبه.
في النهاية في أحد السنوات دخلت في نقاش مع
أحد اساتذتي حول موهبة ياسمين عبدالعزيز، وقد أخبرني حرفيًا أن ياسمين تمتلك طاقة
كبيرة، وهي من أهم وأو أهم فنانة على الساحة المصرية، فموهبتها عظيمة، إلا انها
تحتاج لأن تعيد اكتشاف نفسها في منطقة جديدة عليها، اليوم تحققت نبوءته وأكتشف
الجمهور أن ياسمين ليست مجرد فنانة تقدم الكوميديا، بل هي فنانة تقدم أي سيناريو
يعجبها، فطاقتها تطغى على أي عمل، وتشع نورًا.
تعليقات
إرسال تعليق