الدراما الصعيدية
ربما هي الجانب الأصعب على أي فنان، فتحتاج للتركيز على التفاصيل ولهجة ومخارج
حروف مختلفة، وأبعاد شخصية ونفسية وجسمانية، لذلك تكون مخاطرة من الفنان الذهاب
لمنطقة لم تطأ قدمه إياها من قبل، فربما يتقبله الجمهور أو لا، وعمرو يوسف هذا
العام ذهب إلى منطقة تمثيلية جديدة تمامًا عليه ومختلفة، وربما الأمر كان تحدِ
ومخاطرة بالنسبة له.
الحقيقة إنني من
المؤمنين بقوة بموهبة عمرو وذكائه الشديد، فهو بارع في اختيار الأدوار التي يجسدها
ودائم التنوع، والحكم على أي فنان يرجع لقدرته على تجسيد كافة الشخصيات ببراعة،
ويبدو أن عمرو من المدركين لذلك فهو دائم الأختلاف في اختيار أدواره، طايع شخصية
صعبة للغاية من حيث تركيب الشخصية، ومراحل تحولها وتأثيرها حتى ظروف نشأتها
وتربيتها، فدائمًا تجد الشخصية تقع تحت ظروف متباينة، تجبرها على التصرف عكس
معتقداتها، وهو ما يحتاج قدرة كبيرة على إيصال تلك المشاعر حتى تكون صادقة، فربما
هو شخص يسعى للنجاة، لا يبحث عن نجاته وحده بل نجاة اسرته ومن يحب، هي شخصية أقرب
للمثالية رغم اخطائها، وما يجسده عمرو هو ما نتعرض له يوميًا في حياتنا حين تجبرنا
الظروف على التصرف عكس إيرادتنا وتوقعاتنا، وهو برأي أحد اهم أسباب تفاعل الجمهور
مع الشخصية كونها نحن، عمرو من الفنانين الذين يمتلكون قدرة كبير على التحكم في
ملامحهم وانفعالاتهم، فوجه عمرو في جراند اوتيل يختلف عن ظرف أسود، وعد تنازلي،
وعشم إبليس، حتى لغة الجسد التي تصدر عنه غير متشابه بأي من الشخصيات التي يجسدها،
هو يتجسد ببراعة، ويتحكم في تعابيره وانفعالاته، وهي أحد اهم أدوات الفنان، النظرة
تتحدث، ونبرة الصوت تعطي الطابع النفسي، ولغة الجسد تكشف ما تخفيه الشخصية، كلها
أدوات تحتاج براعة من الفنان وجميعها امتلكها عمرو، العمل يحقق نجاح كبير في
الشارع المصري هذا العام ربما لطبيعة الأحداث السريعة، والقصة التي تسير في جانبين
وهما الثأر وتهريب الأثار، والأداء الذي يقدمه عمرو فهو واحد من أفضل الشخصيات
التي لعبها، من ناحية التحول في الشخصية، ومراحل تطورها، والقدرة على إبراز كل
مرحلة ببراعة شديدة.
في النهاية يظل عمرو
واحد من أهم الفنانين على الساحة، ولكن ما يميزه عن غيرة هو القدرة على الإختيار،
فهو فنان ذكي، ودائمًا ما تكون اختياراته متنوعة ومختلفة، تستحق الإشادة، بجانب
المجهود الكبير الذي يبذله لتقديم أي شخصية، فتتحول من مجرد تجسيد، إلى صدق في
الأداء والمشاعر.
تعليقات
إرسال تعليق