كتب- أحمد الروبي
عادة عندما أريد الحديث عن أداء أحد الفنانين
أختار عمل واحد فقط وأتحدث عنه، قد يكون اعتقادي انه لا يمكن أن يقدم أداء جيد في
عملين، وخصوصًا إن كان فنان أمتلك بعد التحفظات على أدائه من قبل، ولكن هذا العام
تصادف مشاهدتي لعملين لريم مصطفى، ربما التنوع فيهما، والأداء الذي قدمته والذي لا
اتوقعه منها جعلني اتابعهم بشغف، وأكتب عن أدائها فيهما.
في البداية سيكون الحديث عن الدور الأصعب، وهو
مسلسل أمر واقع تركيبة الدور صعبة للغاية ولكنها كانت صادقة، ومعقدة، ومتشابكة،
وسأخبركم تحديدًا لماذا أعتبرها صادقة لتلك الدرجة، شاءت الظروف أن أتواجد من صغري
وحولي أحدى مرضى "الشلل النصفي" وأنا اعلم الكثير عن حالتهم المزاجية
وتقلباتها، طريقة تفكيرهم وميلهم للسواد والعزلة، والأفكار السيئة والتي دائمًا ما
نخطر على بالهم، عزوفهم عن من حولهم، وحساسيتهم المفرطة، كلها أشياء قد لمستها عن
قرب، ويتشابه كثير من أصحاب هذا المرض في تلك الصفات، وعندما شاهدت ريم كنت متيقن
أنها تقدم الدور بإجادة كبيرة، السيناريو بالتأكيد له عامل، ولكن القدرة على تكوين
الشخصية بكل تلك التفاصيل الصغيرة، والقدرة على التعبير، والتجهم طوال الوقت، والحبكة،
والعمل على التفاصيل الصغيرة والكبيرة، والقدرة على تجسيد مثل تلك التفاصيل هو ما
يصنع فنانين عظام، وفي نفس الآن هي شخصية عاشقة، ولكنه حب من طرف واحد، القدرة على
مزج المرض وتأثيره عليها، وقلبها المنكسر، لا يحتمل أن تظهر المشاعر غير مجسده
بعناية، على أسوء تقدير سيكتشفها شخصًا مثلي عاصر التجربة، ولكنها كانت مفاجأة،
فالدور صعب، لم تستخدم فيه جمالها والذي يتحدث عنه الجمهور دومًا، ولكنها قررت أن
تتمرد، ويشاهد الجمهور أدائها، فقط أدائها وهنا الحكم يصير أصعب لان التجرد من
العوامل المساعدة لدى الفنان واعتماده على أدائه تجعله عرضه أكثر للنقد، ولكني
اعجبت بالدور، وبالتفاصيل، بلحظات ضعفها وحنقها، وفقط التعبير بملامحها، فحتى لغة
الجسد لا تستطع إظهارها أو مساندتها، فكانت التعابير والروح التي تقدم بها الشخصية
ملاذها الوحيد ليصدقها الجمهور، الدور كان تحدِ، قبلته وجسدت الشخصية بموهبة
كبيرة، وسيكون هذا الدور مسئولية كبيرة على عاتقها مستقبلًا، فهذا هو المستوى
المطلوب.
أما دورها في الوصية فكان جيد، وسر جودة الدور
في اعتمادها على كوميديا الموقف، فهناك نجوم كوميديا يعتمدون على
"الإفيه" ولكنها تدرك جيدًا انها ليست كوميديانة، وحتى لا تدخل في منطقة
قد يتقبلها الجمهور أو يرفضها، تعاملت مع الدور بذكاء شديد، واعتمدت على كوميديا
الموقف، ودائمًا ما يجذبني في أي فنان هو ذكائه، وهو الذي يجعله يتعامل مع الأدوار
ويختارها بعناية، ويعرف ما يجسده، وما لا يجسده، ربما أصبح الأمر ظاهر للعيان أن
ريم باتت تمتلك كثير من النضج، والقدرة الجيدة على الاختيار والتعامل مع الأدوار،
وتمردها على كونها الفتاة الجميلة أمر جيد للغاية،
ورسالة للمخرجين وللمنتجين أنها
ليست تلك الفتاة الجميلة، بل الجميلة الموهوبة.
ريم
في الحقيقة لم تكن تقنعني كثيرًا، وكنت أشعر انها تتواجد في الأعمال كونها الفتاة
الجميلة، ولكني بت مدينًا لها باعتذار فهي فنانة موهوبة، فقط تحتاج أن تركز على اختياراتها
كهذا العام.
تعليقات
إرسال تعليق